المتغيرات الكبرى التي تحصل في العالم ليست ظرفية ولن تكون مؤقته وهي ليست جولة في نزال او معركة في حرب او استراحة محارب غربي سيلتقط انفاسه ثم يعود اكثر قوة بل هي نتاج لمواجهة ساخنة باردة ناعمة وخشنة مستمرة منذ عقود بين قاطرة الولايات المتحدة وعرباتها الأوروبية
التي ظنت بأن العالم قد اصبح طوع بنانها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي
وبين القوى التي رفضت الأستسلام لوحيد القرن واستمرت بالمقاومة رغم فارق الأمكانيات وبالتالي فنحن امام نتاج سنوات طويلة من المقاومة الدولية
والفصائلية وهي أشبه بحرب تحرير أممية نتائجها ستستمر لعقود من الزمن
ولكون هذه النتائج تحققت بفضل اجتماع عناصر القوة المتمثلة في ارادة المواجهة ،ادوات المواجهة، ارضية المواجهة ، قرار المواجهة الجمعية بوجه عدو مشترك وأن اختلفت الأهداف والأيديولوجيا لكل فريق ولا يخفى على احد بأن القوى الصغرى كان لها تأثير كبير في نتائج المعركة الكبرى وكانت البداية من الجمهورية الأسلامية الأيرانية التي وبالرغم من حداثتها وضعف امكانياتها فقد رفعت راية العصيان بوجه فرعون العصر واعلنت عن رسالتها في استنقاذ المستضعفين في الأرض من يد الطاغوت ثم تبعتها حركات المقاومة التي غيرت المعادلات الرقمية فأنتصرت القوة العقيدية على القوة العسكرية وكانت سوريا المحاصرة غربيا هي احد اهم حصون هذه المقاومات
الى ان انخرطت بالمواجهة مباشرة بعد غزو العراق واستمرت بالمواجهة الى يومنا هذا الى ان نجحت في قلب الصورة وتحولت من دولة معزولة الى دولة مستقطبة ومستقطبة وكان لها الفضل الكبير في عودة روسيا بقوة الى المسرح الدولي وكانت الصين شريك رئيسي مستتر في هذه الحرب تعمل تحت ستار هيئة انسانية مدنية اقتصادية مهمتها تفكيك الالغام الغربية الى ان تشكل هذا المحور بحكم الطبيعة وأشتد عوده وأكتملت عناصر قوته فكان الأعلان الصيني من موسكو بأن الحلف الاستراتيجي قد اكتملت اركانه ومقوماته العسكرية والاقتصادية والعلمية مع تفوق ملحوظ لهذا المحور على خصومه
هو عنصر الحضارة الضاربة في جذور التاريخ وشعوب مستعدة للتضحية في مقابل امبراطورية بنيت على اساسات واهية وشعارات خادعة تحكم بمنطق حق القوة وتخوض معاركها بأسلوب القراصنة وهكذا امبراطوريات مصيرها الزوال ،من هنا يمكننا القول بأن الذراع العسكرية الأميركية التي تم بترها في افغانستان والعراق واليمن وفلسطين وفي لبنان وسوريا والأن في اوكرانيا وبعد ان أفشلنا مخطط الشرق الأوسط الجديد بنسخاته المتجددة من عدوان تموز الى الربيع العربي فصفقة القرن فأتفاقيات ابراهام التي كان مصيها جميعها الفشل بفعل اتحاد الأرادات لمواجهتها وبعد اضعاف ركيزتها الأساسية المتمثلة بقوة الردع الصهيونية التي تحولت بفضل المقاومة الى نقطة ضعف وبدلا ان تكون نقطة ارتكاز اصبحت نقطة ضعف.
والأن اتى الدور على شل ذراعها الأقتصادي من خلال كسر العقوبات الأحادية والتخلص شيئا فشيئا من هيمنة دولارها الوهمي تمهيدا للأعلان عن قيامة نظام عالمي جديد متعدد الجنسيات لا الأقطاب يتسع لأبداعات الجميع للمساهمة في اعمار هذا الكوكب بدلا عن تدميره ليكون موطنا فقط للمليار الذهبي الانغلوسكسوني وقد توقع الرسام الكاريكاتوري روبرت مينور قبل مئة عام بأنه سيأتي اليوم الذي يستفيق فيه المارد الصيني والأفريقي والهندي ويظهر للعالم ان قوى الأستكبار المتمثلة في اميركا بريطانيا وفرنسا ليسوا سوى اقزام فكيف اذا استفاق معهم المارد الروسي والمارد العربي كما نشهد اليوم .
وختاما نستذكر قول الأمام الخامنئي في وصفه للعلاقة مع الأستكبار حيث قال هم كفرعون لا يرتضون بأن يكونوا انصاف ألهة بل هم كفرعون أما أله واما من المغرقين وها نحن نرى اميركا ومن خلفها يغرقون في اوكرانيا وجنوب بحر الصين وفي باب المندب والبحر المتوسط وقد بات بأمكاننا ان نردد خلف السيد القائد أجل نحن في عصر ما بعد أميركا وبأننا قد دخلنا عصر المردة .